الأردن والإخوان- مؤامرات مستمرة ودور الجامعة العربية المطلوب

المؤلف: خالد أحمد الطراح09.18.2025
الأردن والإخوان- مؤامرات مستمرة ودور الجامعة العربية المطلوب

تتصاعد وتيرة الغضب الأمني والسياسي في الأردن تجاه حركة «الإخوان المسلمين»، وأنشطتها المشبوهة وأهدافها الخفية. هذا يدفعنا للتساؤل: كيف يمكن خوض معركة فكرية شاملة ضد جماعات الإسلام السياسي، دون وجود إجماع عربي قاطع لحظر حركة «الإخوان» على مستوى جامعة الدول العربية؟ إن انكشاف المخططات الدنيئة لـ «الإخوان المسلمين» في الأردن مؤخراً، والقبض على الخلية الإرهابية التابعة لهذه الجماعة، قد ألحق بحركة «الإخوان» ضربة موجعة ومؤثرة. ومع ذلك، يجب أن ندرك أن هذا لا يمثل نهاية لمؤامرات حركة «الإخوان» المسلحة، وأذرعها الدينية المتطرفة التي تعبث بالسياسة في مختلف أنحاء الوطن العربي والعالم بأسره.

إن الحكومات العربية التي لا تزال تنتهج سياسة التردد والمواربة، وتتعامل بنعومة مفرطة مع حركة «الإخوان»، ترتكب خطأً سياسياً فادحاً في تقديراتها. فهي بذلك تعرض مصالحها القومية للخطر الداهم، وتجازف باستقرار شعوبها وتسوقهم نحو هاوية من الاضطرابات، والفوضى، والعصيان المدني، والثورات العارمة، والتضليل الديني الممنهج.

إن جولة حركة «الإخوان» في الأردن لن تكون الأخيرة على الإطلاق، بل قد تكون مجرد اختبار لنبض الشارع العربي والإسلامي في ظل التطورات السياسية المتسارعة التي تشهدها المنطقة، والمصحوبة بالتوتر العسكري المتصاعد حول قطاع «غزة» المحاصر، والتطورات المريبة من قبل حركة «حماس»، الذراع الفلسطيني لحركة «الإخوان»، والتي سارعت في تأييدها المطلق لعملية الأردن الأخيرة!

لا يخفى على أحد أن الكويت تحتضن تنظيماً نشطاً ومنظماً للغاية لجماعة «الإخوان المسلمين»، ولهم باع طويل في التلون والتكيف مع مختلف الظروف والتطورات الاجتماعية والسياسية، على الرغم من مزاعمهم بالانشقاق عن التنظيم الدولي للإخوان بعد الغزو العراقي الغاشم.

تعتبر جمعية الإصلاح الاجتماعي في الكويت، التي تمثل واجهة «الإخوان المسلمين»، المظلة الرئيسية لـ «الحركة الدستورية الإسلامية»، بعد أن تم تغيير اسمها عقب تحرير الكويت الغالية، في حين أن اسم الجمعية في عام 1952 كان جمعية الإرشاد الإسلامية. وتجدر الإشارة إلى أن الجمعية تبنت مواقف متزمتة ومتشددة على الصعيد الاجتماعي والسياسي والتعليمي على مر تاريخها.

لقد قام أمين سر جمعية الإصلاح الاجتماعي السابق، الدكتور عبدالله سليمان العتيقي، بتوثيق موقف «الإخوان» المثير للجدل في «مذكرة رسمية» رفعتها الجمعية إلى أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم في عام 1959، والتي تضمنت اعتراضاً صريحاً على ابتعاث المواطنات الكويتيات إلى الغرب، بسبب ما وصفوه بـ «مفاسد المدينة الغربية». كما اعترضوا بشدة على «إرسال البنات في بعثات تعليمية إلى جامعات أوروبا وغيرها من البلاد التي يباح فيها الاختلاط، والخلوات... والتأثير الضار على أخلاقهن»، على حدِّ تعبيرهم!

ومع ذلك، شهد موقف «الإخوان» تحولاً مفاجئاً في 16 مايو 2005، حين صوتوا في مجلس الأمة لصالح منح المرأة حقوق الترشح والانتخاب، بعدما أدركوا الأهمية القصوى للقاعدة النسائية في تعزيز حضورهم الانتخابي وتحقيق مكاسب سياسية. وقد سمح لهم هذا التغيير المفاجئ بتوسيع نفوذهم في المجتمع، والمدارس، والأجهزة الحكومية، وجمعيات النفع العام، بعد أن صوتوا ضد نفس المشروع في عام 1999!

إن دور حركة «الإخوان المسلمين» ليس مجرد هامشاً ضئيلاً في الحياة السياسية حتى نترك هذه الهوامش، ولا نركز عليها. فدور «الجماعة» يأتي أحياناً برغبة خبيثة في اختبار نبض الشارع بغطاء فقهي مزيف، وأحياناً بغطاء مسلح؛ بغية تحقيق الانقضاض على الصراعات والنزاعات، والأحداث الجارية، بمختلف اتجاهاتها، وطبيعتها المتغيرة، وذلك كله لصالح «الإخوان» وأهدافهم المشبوهة.

قبل أيام قليلة، استغل القيادي البارز في حركة «الإخوان» في الكويت، السيد طارق السويدان، فرصة معرض «الكتاب الإسلامي» الذي نظمته جمعية الإصلاح الاجتماعي، لتمرير ذكر أحد قادة الإخوان المثيرين للجدل؛ وهو مواطن خليجي اختار طريق التمرد الديني، والتحريض السياسي المباشر، في حين جرى تجاهل متعمد لمراجع فقهية أخرى أكثر رصانة وعمقاً من الكتاب المزعوم!

وفي سياق متصل، شاهدنا تسجيلاً مسرباً بثته قناة «العربية» للسيد السويدان يتحدث فيه بكل فخر عن «تدريب 70 ألف شاب في السودان»، وعن «الحرية» التي تتمتع بها الجماعة في الكويت!

إن طارق السويدان ينتظر بفارغ الصبر أن تؤتي «التجربة السودانية» ثمارها المرة. ويا للأسف، فقد آتت بالفعل ثمارها الخبيثة حيث تمزقت السودان من انفصال الجنوب المأساوي إلى حرب ضروس بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المتمردة، ولا يزال القادم أسوأ. فهنيئاً للإخوان المسلمين بهذه الإنجازات العظيمة التي حققوها في السودان!

تجدر الإشارة إلى أن السويدان كان من بين الوفد المرافق لـ «الإخوان»، الذين قاموا بزيارة رسمية إلى واشنطن أثناء الغزو العراقي الغاشم؛ بهدف الانفراد بلقاء خاص مع مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية، إلا أن رغبته لم تتحقق آنذاك!

بل وصل الأمر بطارق السويدان أن ساوم سفير الكويت السابق لدى واشنطن، الشيخ سعود ناصر الصباح -رحمه الله-، لتمويل مشروع مشبوه لتسويق «الوجود الأمريكي في الخليج»، بقيمة مالية باهظة بلغت «50 مليون دولار، ثم قام بتخفيضها لاحقاً إلى 5 ملايين»!

لقد وثق الوزير والسفير السابق الشيخ سعود الصباح مساومة طارق السويدان المشينة، في أكثر من لقاء تلفزيوني وشهادة علنية في الكويت وخارجها، لكن ظلت هذه الحقيقة المؤلمة يتيمة من دون إجراءات تقصٍ وتحقيق جادة!

ختاماً، نؤكد أن المعركة ضد فكر الإسلام السياسي المتطرف الذي تتبناه حركة «الإخوان»، وتقلبات أهدافها المشبوهة، ومخططاتها الخبيثة، ووحدة تبادل الأدوار مع أذرع «الإخوان» المنتشرة في جميع أنحاء العالم، لن يكون لها نهاية تلوح في الأفق، ما لم تبادر جامعة الدول العربية بتبني قرار حاسم، حتى لو بأغلبية مطلقة، يقضي بحظر حركة «الإخوان المسلمين» بشكل كامل، ومصادرة جميع أموالها، ووأد منابع التمويل الخارجي التي تغذيها، وذلك في القمة العربية القادمة التي ستعقد في العراق.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة